الأربعاء، 23 أغسطس 2023

إنّ موضوع تربية الأطفال والعناية بهم صحياً ونفسياً واجتماعياً من أخطر الموضوعات وأهمها، باعتبار أنّ تربية الأطفال تربية للقيادة ولتحمّل المسؤلية


 إنّ موضوع تربية الأطفال والعناية بهم صحياً ونفسياً واجتماعياً من أخطر الموضوعات وأهمها، باعتبار أنّ تربية الأطفال تربية للقيادة ولتحمّل المسؤلية

الشیعة | موقع علمي ثقافي عقائدي الشیعة

تقديم:

أثبتت الدّراسات أنّ الاهتمام بالطّفولة من أهم المعايير التي يقاس بها تقدّم المجتمع وتطوّره، لذلك كانت الطّفولة ومازالت ميداناً خصباً تتقاسمها علوم مختلفة، وأصبح الطّفل مركزاً للدّراسات التّربوية، والاجتماعية، والنّفسية، والعضوية، والتّشريحية.

ونظراً لأهمية هذه الفترة التي يتمّ فيها إعداد وتهيئة الطّفل لكي يصبح رجل المستقبل، وعماد الأمة، بزغت لي فكرة كتابة هذا البحث ليكون إضافة جديدة إلى الدّراسات التي تبنّت هذا الموضوع. واتّخذتُ من القرآن الكريم والأدب العربي مادة استقي منها المعاني والأفكار، أيام كان العرب في بداوة، وسهولة سلوك، وعفوية خواطر، ورسوخ أعراف وتقاليد. ترى كيف استطاع العرب تربية أبنائهم وتأديبهم؟ وهل استطاعت المرأة العربية أن تهيئ البيئة المنزلية والمناخ المنزلي الملائم للطّفل، بحيث تصبح بيئته قادرة على تكوينه وإعداده؟.

إنّ موضوع تربية الأطفال والعناية بهم صحياً ونفسياً واجتماعياً من أخطر الموضوعات وأهمها، باعتبار أنّ تربية الأطفال تربية للقيادة ولتحمّل المسؤولية في المستقبل، وتكوين القادة ضروري لتنمية المجتمع، ومن هنا يجب أن تكون هناك ضرورة للحفاظ على تراثنا العربي الأصيل الذي يعدّ أثمن ما في الوجود.

تربية الطّفل في العصر الجاهلي:

نرجع إلى العصر الجاهلي ونكشف أثر العلاقات الأسرية على الطّفل باعتبار أنّ الطّفل هو الثّروة الحقيقية لأي أمة، وثقافة الطّفل هي اللّبنة الأولى لثقافة الإنسان والمجتمع.

يبدو أنّ المجتمع الجاهلي يحدّد الكيفية التي يجب إعداد الطّفل فيها إعداداً خاصاً، حيث إنّ الأم ترغب أن يشب ابنها قوياً شجاعاً؛ حتّى تفخر به، ولما كانت حياة البادية قاسية وعنيفة، فإنّ المجتمع يتشدّد في خلق الأنموذج الأمثل للطّفل.

الغناء للطّفل وترقيصه:

وقد انعكس ذلك في تأديبه وتوجيهه، فالمجتمع البدوي في مسيس الحاجة إلى الرّجل الذي يتّصف بالقوة والشّجاعة للدّفاع عن قبيلته وكيانها، فكانت الأم ترقّص ابنها وتغنّي له بكلام موزون لتهدئته، ومن أمثلة ذلك ما غنّت به ضباعة بنت عامر بن قرط لابنها المغيرة بن سلمة وهي ترقصه، فازدهت بآبائه وأشادت بسيادتهم وكرمهم وعزّهم، وتأمل أن يكون ابنها نبعة من هذه الدّوحة، فقالت[1]:

نما به في الذرا هشام

قروم وآباء له كرام

جحاجح خضارم عظام

من آل مخزوم هم الأعلام

الهامة العلياء والسّنام

أدب ترقيص الأطفال يشترك فيه الرّجال والنّساء، أخذ قيس بن عاصم المنقري صبياً له يرقّصه، وأم ذلك الصّبي منفوسة بنت زيد الفوارس بن ضرار الضّبي، فجعل قيس يقول له:

أشبه أبا أمك أو أشبه عمل

لا تكونن كهلوف وكلّ

فأخذته أمه وجعلت ترقّصه وتقول:

أشبه أخي أو أشبهن أباكا

أما أبي فلن تنال ذاكا

تقصر عن مناله يداكا [2]

وكانت الأمهات يأخذن أبناءهن بالشّجاعة لينشأ الطّفل والرّجولة ملء إهابه، والعزّة يفيض بها فؤاده، والأنفة ترتسم على صفحات وجهه، فهذه الشّيماء ترقّص محمّداً صلى الله عليه وسلم في بادية بني سعد فتقول:

يا ربّ أبق لنا محمّداً

حتىّ أراه يافعاً وأمردا

ثم أراه سيداً مسوّدا

واكتب أعاديه معاً والحسدا

وأعطه عزّاً يدوم أبدا

دور الأم في تنشئة الأطفال:

وهكذا نرى كتب الأدب أبرزت لنا أغاني الاعتزاز بالطّفل وحبّه وتدليله[3]، فالأم تفخر بأصل ابنها الكريم وبشجاعته وتغرس فيه الاعتزاز بهذا الأصل، وتخلق فيه الثّقة بالنّفس، فقد لعبت دوراً كبيراً في تنشئة الطّفل تنشئة صالحة، ولم تدلّله ذلك الدّلال الذي يضعف شخصيته، ويسئ إلى مستقبله، بل دفعت به إلى طريق الشّرف، واحتذاء آثار الأبطال؛ من أجل الوصول به إلى طريق السّيادة والرّئاسة.

لذلك ظهر بين العرب عديد من الفتيان، ذّوي الشّخصية القوّية المعتدة بذاتها، لنيل المجد والسّؤدد.

تقول هند بنت عتبة وهي ترقص ابنها معاوية:

إن بنيَّ معرق كريم

محبّب في أهله حكيم

ليس بفاحش ولا لئيم

ولا بطخرور ولا سؤوم

صخر بني فهر به زعيم

لا يخلف الظن ولا يخيم [4]

وقد يبلغ إعجاب الأم بولدها حدّ الظّن أنّ أحداً لم يلد مثله؛ لأنّ ريحه ريح الورد فتقول[5]:

يا حبذا ريح الولد

ريح الخزامى في البلد

أهكذا كلّ ولد

أم لم يلد مثلي أحد

ومن أغاني الاعتزاز بالطّفل وحبّه وتدليله قول أعرابية:

أحبه حبّ الشّحيح ماله

قد كان ذاق الفقر ثم ناله

إذا أراد بذله بدا له [6]

وكان للأبناء تأثير كبير في قلوب آبائهم، وقد يحاول الأب أن يفخر بابنه ويعتزّ بجماله، يقول أعرابي يرقّص ابناً له:

يا ربّ ربّ مالك بارك فيه

بارك لمن يحبه ويدنيه

ذكَّرني لما نظرت في فيه

أجزع نور غربت أواخيه

والوجه لما أشرقت نواحيه

دينار عين بيد تبريه [7]

إنّ أغاني الأطفال والتّرقيص تحوي رغبة الآباء في أن يتحمّل أطفالهم بعد أن يكبروا مسؤولية حماية مجتمعهم، وحثّهم على تحمل الأعباء في الحياة العملية منذ الصّغر، حتى يشبّوا على الإبداع والعمل، يقول المطلب بن هاشم في ابنه العباس وهو رضيع:

ظني بعباس بُني إن كبر

أن يمنع النّوم إذا ضاع البدر

وينزع السّجل إذا اليوم اقصطر

ويسقي الحاج إذا الحاج كثر

وينحر الكوماء في اليوم الخصر

ويفصل الخطبة في الأمر المبر [8]

أما أغاني التّنويم أو أغاني المهد فقد كانت مقصورة على المرأة، فتحاول أن تعبّر عن عواطفها واعتزازها بطفلها بنغم هادئ معبّر عن مشاعرها الحميمة التي تكنّها لطفلها، ومن خلالها تغرس القيم والمبادئ وتمنحه حنانها وعطفها.

ولعلّنا نذكر ونحن في هذا الصّدد، دور الأم التي تتّعهد جنينها تسعة أشهر في أحشائها، ثم رضيعاً ترعاه وتمدّه بلبنها المغذي، وتحافظ على راحته حتّى يصبح رجلاً فعالاً في مجتمعه.

تقول أم تأبط شرا: " والله ما حملته تضعاً ولا وضعاً، ولا وضعته يتناً، ولاأرضعته غيلاً، ولا أنمته مئقاً"[9]، أي لم تحمله في مقبل الحيض، ولم ترضعه لبناً فاسداً، وتفخر الأم إذا وضعت جنينها وضعاً سليماً، خالياً من التّشوهات الخِلقية، فإذا ما وضعته سقتة من لبنها، وهي في كل حال تكفل دره صافياً مغذياً، فليست ترضع وهي حامل، لأنّهم عرفوا بتجاربهم أنّ لبن الحامل ضار بالرّضيع.

الحرص على غرس القيم والمثل العليا في الطّفل:

وتحاول الأم أن تنشئ طفلها تنشئة صالحة وتغرس فيه القيم والمثل العليا، ومواصفات تتطلبها طبيعة الحياة العربية في ذلك العصر، ويبدو أنّهم كانوا يربّون أولادهم ويغرسون فيهم قيما حميدة كالشّجاعة، والكرم، والنّجدة، والعفّة، وحفظ الجوار، وإعانة الضّعيف، وغير ذلك من الفضائل التي ترفعهم وتبرز مكانتهم بين القبائل الأُخر. قال أكثم بين صفي حكيم العرب: " ذلّلوا أخلاقكم للمطالب، وقودوها إلى المحامد، وعلّموها المكارم، ولا تقيموا على خلف تذمونه من غيركم، وصلوا من رغب إليكم... تحلّوا بالجود يكسبكم المحبة، ولا تقتعدوا البخل فتتعجّلوا الفقر[10]" وقد اجتهدت المرأة العربية في ذلك العصر في تربية أبنائها فهي لا تفرق بينهم في المعاملة، وتشيد بفضلهم دون تمييز بينهم قيل لفاطمة الأنمارية: أي بنيك أفضل؟ فقالت:ربيع، بل عمارة، بل قيس، بل أنس، ثكلتهم إن كنت أعلم أيهم أفضل، والله إنّهم لكالحلقة المفرغة لا يُدرى أين طرفها"[11].

دور الشّعر في تربية الطّفل وتأديبه:

كما يعرض الشّعر جانباً من الفلسفة الأخلاقية التي كانت تتّردّد على ألسنة الحكماء والشّعراء في ذلك العصر، وقد كان كثير من العرب يحضّون على تربية أبنائهم بالشّعر الرّائع، ويوصون بالاستعانة به في تأديب أولادهم، وقد كان الشّعر يهزّ نفوسهم هزّاً، ويفعل فيهم فعل السّحر، فقد كتب عمر بن خطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري: " مُر من قبلك بتعليم الشّعر، فإنّه يدل على معالم الأخلاق، وصواب الرّأي، ومعرفة الأنساب ".

وقال معاوية بن أبي سفيان: " يجب على الرّجل تأديب ولده، والشّعر أعلى مراتب الأدب "[12]، لذلك غرسوا في أبنائهم حبّ الشّعر وترديده حتّى ينالوا المنزلة الرّفيعة عند القبائل الأُخر.

يروى أنّ معاوية كتب إلى زياد بن أبيه يعاتبه على أنّه لم يرو ابنه الشّعر " ما منعك أن ترويه الشّعر؟ فوالله أنّه كان العاق ليرويه فيبر، وإن كان البخيل ليرويه ليسخو، وإن كان الجبان ليرويه فيقاتل "[13]، إنّ التّجربة الحيّة التي تصوغها كلمات حكيمة، تصبح ميراثاً طيباً للأبناء، يتداولونه فيما بينهم فتعم الفضيلة، ويصح المجتمع.

ومن هنا تبقى الأسرة العربية في ذلك العصر قيمة اجتماعية كبرى للأبناء تغرس فيهم القيم التي توارثوها عن الآباء للقيام بوجباتهم اتجاه مجتمعهم، فكثيراً ما كان العربي يوصي بنيه ويمنحهم تجارب حياته وخبرته الطّويلة في الحياة، من أجل الوصول بهم إلى طريق الشّرف والمجد والسّيادة.

يقول بعض الحكماء لابنه: "يا بنى إنّما الإنسان حديث فإن استطعت أن تكون حديثاً حسناً فافعل"[14].

خبرة الأب وتأمّله الطّويل، وتفكيره العميق وتجاربه، يوجزها بكلمات رصينة ترشد الابن وتهديه، وتزيين له الفضائل التي يحمدها المجتمع، لنيل الثّناء واكتساب الذّكر الجميل.

وصايا الآباء لأبنائهم:

وقد حاوّل الآباء تأديب أولادهم، وتقديم الوعظ والإرشاد لهم، وتركوا لهم وصايا خالدة، يغلب عليها أسلوب الأمر والنّهي، والتّرغيب والتّرهيب، وضربوا أمثلة من حياتهم يعظون بها، وينصحون، ويحذّرون، لما احتضر قيس بن عاصم قال لبنيه: " يا بَنىَّ احفظوا عني ثلاثاً فلا أحد أنصح لكم مني: إذا أنا مت فسوّدوا كباركم، ولا تسوّدوا صغاركم فيحقّر النّاس كباركم، وتهونوا عليهم، وعليكم بحفظ المال فإنّه منبهة للكريم ويُستغني به عن اللّئيم، وإياكم والمسألة فإنّها آخر كسب الرّجل "[15].

إنّ القيم هنا تتّأصل من خلال الحكم والتّجارب التي يسوقها الآباء لأبنائهم، وتمثّل الوصايا باباً فريداً ورائعاً في التّراث العربي، وفوق أنّها خلاصة الحياة الصّاخبة التي يعيشها الآباء، فهي تقدّم السّبيل الذي يهتدي به الأبناء في بدء حياتهم.

يقول حاتم الطائي لابنه عدي: " أي بُني إن رأيت أنّ الشَّر يتركك إن تركته فاتركه "[16]، كلمات قليلة تحمل معاني كثيرة، فقد برع العرب وأجادوا في هذه النّماذج التي احتوت على وصايا موجزة عن حياتهم، بأسلوب بليغ، توجّهوا به إلى أبنائهم، لتكون نبراساً لهم تضيء حياتهم وقد احترم الإسلام الحنيف كثيراً من القيم المعروفة في العصر الجاهلي، بل أقرّها وأضفى عليها من الدّلالات ما يتناسب مع مبادئه الخالدة من: شجاعة، وكرم، وحلم، وعفة، ووفاء بالعهد، وحماية الجار، وقد عمل الآباء على تنمية هذه السّجايا والقيم في أبنائهم وتثبيتها في نفوسهم؛ لأنّها كانت لازمة من لوازم الحياة العربية في ذلك العصر.

وصايا الوالدين لبناتهم:

ويظهر لنا أنّ الأم كانت توصي ابنتها إذا تأهّبت للانتقال من رعاية أبويها إلى بيت زوجها بوصايا خاصة من تجربتها وخبرتها، تحثّها على مكارم الأخلاق، والمحافظة على زوجها وتوفير الرّاحة له، وقد وأوصت زوجة عوف بن محلم الشّيباني ابنتها فقالت: " أي بنية قد فارقت بيتك الذي منه خرجت، وعشّك التي فيه درجت إلى رجل لم تعريفيه، وقرين لم تألفيه، فكوني له أمة يكون لك عبداً، واحفظي له خصالاً عشراً يكن لك ذخراً. أما الأولى والثّانية: فالخشوع له بالقناعة، وحسن السّمع له والطّاعة، أما الثّالثة والرّابعة: فالتّفقد لموضع عينه وأنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح ,. وأم الخامسة والسّادسة: فالتّفقد لوقت منامه وطعامه، فإنّ تواتر الجوع ملهبة، وتنغيص النّوم مغضبة. وأما السّابعة والثّامنة: فالاحتراس بماله والإرعاء على حشمه وعياله، وملاك الأمر في المال وحسن التّقدير، وفي العيال حسن التّدبير، وأما التّاسعة والعاشرة: فلا تعصين له أمراً، ولا تفشين له سراً، فإنّك إذا خالفت أمره أوغرت صدره، وإن أفشيت سره لم تأمني غدره.

ثم إياك والفرح بين يديه إذا كان مهتماً، والكآبة بين يديه إذا كان فرحاً"[17].

هكذا برزت في هذه الوصية تجربة الأم وخبرتها في الحياة، فهي تريد لابنتها السّعادة مع زوجها، والنّجاح في الحياة الزّوجية، وللآباء أيضاً في هذا المجال إرشاد وتوجيه لبناتهم، فقد أوصى عامر بن الظرب ابنته باستخدام الماء لنظافة جسدها وكذلك الزبرقان بن بدر لما زوّج ابنة له دنا من خدرها وقال: " أتسمعين. لا أُعرفن ما طلبت، كوني له أمة يكن لك عبداً "[18].

إنّ وصايا الآباء والأمهات تحمل في طياتها طاعة الزّوج، والنّظافة الدّائمة؛ حتّى تكون ابنتهم فاتنة في نظر زوجها.

واستمر الآباء يوصون بناتهم في الإسلام، قال الفرافصة الكلبي لابنته حين جهّزها إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه:" يا بنية، إنّك تقدمين على نساء قريش، وهن أقدر على الطّيب منك، فلا تغلبي على خصلتين: الكحل والماء، تطهري حتّى يكون ريحك ريح شَنّ أصابه المطر "[19].

وكذلك قال أبو الأسود لابنته: " إياك والغيرة فإنّها مفتاح الطّلاق، وعليك بالزّينة، وأزين الزّينة الكحل، وعليك بالطّيب، وأطيب الطّيب إسباغ الوضوء، وكوني كما قلت لأمك في بعض الأحيان:

خذي العفو مني تستديمي مودتي

ولا تنطقي في سورتي حين أغضب

فإنّي وجدت الحبّ في الصّدر والأذى

إذا اجتمعا لم يلبث الحبّ يذهب[20]

ساق الآباء والأمهات هذه الوصايا بعبارات جميلة أخّاذة؛ للتّعبير عن أساس السّعادة الزّوجية، وحتّى تكون ابنتهم زوجة صالحة، وتحظي بحبّ زوجها وتقديره.

ومن هنا يتّضح لنا من العلاقات الأسرية الطّيبة بين الزوجين تخلق البيئة القادرة على تربية الأبناء التّربية الكريمة، وتعليمهم المبادئ والقيم والأخلاق.

ويبدو أنّ رعاية وحماية الأبناء لا تأتي إلا بتربيتهم التّربية الكريمة التي تهدف إلى خلق إنسان صالح يشعر بالانتماء لأهله ومجتمعه.

وصايا الشّعراء لأبنائهم:

كما وقف الشّعراء كثيراً عند وصايا أبنائهم مبرزين مكانتهم، وخلاصة تجربتهم الأمر الذي يدل على محبتهم لهم، يقول الأعشي[21]:

سأوصي بصيراً إن دنوت من البلا

وصية من قاسى الأمور وجرّبا

بأن لا تأبى الود من متباعد

ولا تنأ من ذي بغضة إن تقربا

فإنّ القريب من يقرب نفسه

لعمر أبيك الخير لا من تنسبا

إنّ وصاياهم تحمل في طياتها خبراتهم بكل ما فيها من حلو ومرّ، فالعربي يعبّر عن تجاربه، ويقدّم صورة صادقة لأولاده لما يعتنقه من المبادئ، وما يتمسك به من الفضائل ومكارم الأخلاق، وقد أحسن في تصوير هذه التّجارب، وأجاد في التّعبير فيها بأسلوب فنيّ بلغ حدّ النّضج والكمال.

ولهم حكم كثيرة مقتبسة من صميم بيئتهم ومجتمعهم تدل على حنكتهم وتجربتهم الذّاتية في الحياة، يقول ذو الأصبع العدواني، يحثّ ابنه على مكارم الأخلاق[22].

أأسيد إن مالاً ملكت (م) فسر به سيراً جميلاً

أخ الكرام إن استطعت (م) إلى إخائهم سبيلا

واشرب بكأسهم و إن شربوا به السّم الثّميلا

أهن اللّئام و لا تكن لإخائهم جملاً ذلولا

إنّ الكّرام إذا تؤاخي (م) وجدت لهم قبولا

ودع الذي يعدّ العشيرة أن يسيل ولا يسيلا

أبني إنّ المال لا يبكي إذا فقد البخيل

يوصى الشّاعر ابنه بمؤاخاة أهل الكرم والجود والعطاء، لأنّ للكريم منزلة سامية في نفوس العرب، ويحذّره من مخالطة اللّئام مطالباً بالابتعاد عنهم، لأنّ رفقتهم لا تجدي نفعاً.

ويحاول الأب أن يكون مرشداً حكيماً مع ابنه يبصّره، ويرشده إلى الطّريق التي يحسن بها سلوكه، لينتفع في دنياه، ويزيّن له الفضائل التي تحمدها القبيلة، ويدعوه إلى البذل والسّخاء ليقي عرضه ويلقى الحمد، وهذا الأمر شائع عند الجاهليين لتعوّدهم أن يقروا الضّيف، ويكرمونه ويحتفوا بقدومه.

وهذه الوصايا بأبعادها المشرقة أنموذج صالح للشّباب، لأن تكون تربيتهم على البذل والشّجاعة والبأس والكرم، ولم تخل هذه الوصايا من الوعظ والإرشاد، الذي كان له شأنه بعد ذلك في الإسلام.

ولا ريب أنّ مجتمعاً تسوده هذه القيم والفضائل هو مجتمع جدير بأن يسود، وينبغي ألا ننكر على عرب الجاهلية تلك الصّورة المشرقة التي رسموها لأبنائهم وعلّموهم فيها مكارم الأخلاق.

وهذه قصيدة أخرى تعدّ من الأدب الرّفيع فهي من أولها إلى نهايتها سياسة حكيمة، رسمها الشّاعر لابنه جبيل اقتبسها من خُلق العربي، ومن تجاربه هو وحنكته في الحياة، فهي بذلك سجل للمثل الأخلاقي العالي عند العربي، ودليل على عناية هؤلاء القوم بتربية أبنائهم وحرصهم على السّمو بها، يقول عبد قيس بن خفاف في قصيدته[23]:

أجبيل إنّ أباك كارب يومه

فإذا دُعيت إلى العظائم فاعجل

أوصيك إيصاء امرئ لك ناص

ح طبن بريب الدّهر غير مغفل

الله فاتقه وأوف بنذره

وإذا حلفت محارباً فتحلّل

والضّيف أكرمه فإنّ مبيته

حقّ ولا تك لعنة للنّزل

وأعلم بأنّ الضّيف مخبر أهله

بمبيت ليلته وإن لم يُسأل

ودع القوارص للصّديق وغيره

كي لا يروك من اللّئام العزّل

وصل المواصل ما صفا لك ودّه

واحذر حبال الخائن المتبدل

واترك محل السّوء لا تحلل به

وإذا نبا بك منزل فتحوّل

وإذا هممت بأمر شرّ فاتئد

وإذا همت بأمر خير فافعل

وإذا افتقرت فلا تكن متخشعاً

ترجو الفواصل عند غير المفضل

واستغن ما أغناك ربّك بالغنى

وإذا تصبك خصاصة فتجمّل

قد حاوّل الشّاعر أن يستغل حديثه إلى ابنه في إرشاده إلى السّبيل القويم، فاعتمد على تجربته الذّاتية في الحياة؛ ليرسم من خلالها صورة مثالية لأخلاق العربي، وللقيم النّبيلة التي ينبغي عليه أن يهتدي بهديها، ويلجأ إلى نصح ابنه وتقديم وصيته له، لأنّه يشعر بدنو أجله ليترك انطباعاً خاصاً له، وكأنّه يقدّم موجزاً لأهم ما يقصد إليه وما يعتزّ به من قيم، تشمل كلّ المعاني التي كانت عليها المروءة العربية.

وهكذا يتّضح لنا أنّ الأسرة العربية من الآباء والأمهات قاموا برسم المثل الاجتماعية والأخلاقية العليا لأبنائهم، وكان لهم الدّور الإيجابي في تنمية شخصيتهم القوية، وصقل مواهبهم وخبرتهم بالحياة على نحو ما صوّرا كثيراً من الفضائل الحميدة التي تغنّوا بها في أشعارهم ,. وقد أسهموا في تأصيل كثير من هذه القيم الأخلاقية اللازمة لنشأة أطفالهم، فقد كانوا يجتمعون في المواسم يتناقلون الآداب الاجتماعية بعضهم من بعض، ويتناشدون الأشعار الحماسية ويتحدّثون عن شرف أصلهم وكرم محتدهم، فتغرس كلّ هذه المظاهر الاجتماعية والأدبية في نفوس أطفالهم المواهب النّادرة، والقرائح الوقّادة، والخصال الكريمة[24].

ويبدو أنّ الشّعر صاغ عقول الأبناء على هذه الأعراف والمثل، وجعلهم يتمسكون بها ويحرصون عليها.

أثر البيئة الصّحراوية في تربية الطّفل:

وما تجدر الإشارة إليه أنّ البيئة الصّحراوية، وحياة البادية كان لها الأثر الواضح في تربية الأبناء، فقد أكسبتهم أخلاقاً عالية، وعلّمتهم الصّبر والجلد على الشّدائد في أحضانها القاسية، وأرهفت حواسهم، وطهّرت نفوسهم، وميّزتهم عن غيرهم بمزايا أخلاقية خاصة بهم، عُرفوا بها على مر الأيام والتاريخ.

أثر العاطفة الأسرية على الطّفل:

وفي ضوء ما قدّمنا يظهر أنّ العاطفة الأسرية الحميمة تؤثّر إيجاباً على الطفل باعتبار أنّ الأسرة السّوية هي المدرسة التي يتّدرب فيها الأبناء على ضروب الحياة، وفيها يتّلقون القيم والمثل الاجتماعية، والتّربوية الخيرة من كرم وشجاعة ومروءة وعفّة ووفاء.

رعاية الطّفل في الإسلام:

والطّفل بحاجة إلى هذه العاطفة الأسرية في جميع مراحل نموه، ومن هنا اهتم الإسلام بالأسرة وجعلها مكان السّكن، والمودة، والرّحمة، واللّباس، والحبّ، والمكان الذي يعيش فيه الفرد مع من يحب، كما في قوله تعالى: ﴿ ومن آياتِهِ أن خَلَقَ لَكُمْ من أنفسكم أزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إليها وجَعَلَ بينكُم مَّوَدَّةً ورَحْمَةً [25].

وقد جعل القرآن الكريم العاطفة الأسرية منبعاً تتّفرع منه العلاقات الأسرية من خلال المودة والرّحمة والمحبة والاستقرار.

وجاءت الشّريعة الإسلامية باحترام حقوق الطّفولة ورعايتها ومراقبتها، واعتبر القرآن الكريم المال والبنين زينة الحياة الدّنيا، وعدّ ذلك من أعظم نعم الله على الإنسان، يقول تعالى: ﴿ والله جَعَلَ لَكُم منْ أَنفُسِكُم أَزْوَاجاً وجَعَلَ لَكُم مِنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وحَفَدَةً ورَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِبَاتِ [26].

وفي القرآن الكريم سورة تبيّن الوصايا التي يحتاجها الطّفل في حياته؛ لذلك نطلق عليها سورة الطّفولة، وسورة التّربية، وسورة الحكمة، وهي سورة لقمان وفيها يقول عز وجل: ﴿ وإذ قَالَ لقمانُ لابنِهِ وهو يَعظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ باللهِ إنَّ الشِّركَ لظلمٌ عظيمٌ * ووصينا الإنسانَ بوالديهِ حَمَلتْهُ أُمُّهُ وَهْناً على وَهْنٍ وفِصَالُهُ في عامين أنْ اشْكُر لي ولوالديكَ إليَّ المصير * وإنْ جَاهَدَاك عَلَى أنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بهِ علمٌ فلاَ تُطِعْهُمَا وصَاحِبْهُما في الدُّنْيَا مَعْرُوفاً واتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إليَّ ثُمَّ إليَّ مَرْجِعُكم فَأُنبِّئُكُم بما كنتم تَعْمَلُون [27].

وتختتم في احترام واضح لإرادة الطّفل وحريته ﴿ ومَنْ يُسْلِم وَجْهَهُ إلى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فقد اسْتَمْسَكَ بالعُرْوَةِ الوُثْقَى وإلى اللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ * وَمَن كَفَرَ فَلاَ يَحْزُنكَ كُفْره إِليْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بما عَمِلُوا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [28].

ومن هنا يتّضح لنا أنّ الإسلام يؤيد كلّ مسعى نبيل يهدف إلى منح الطّفل حقوقه الفطرية، واستقراره النّفسي، وحقّه في العيش في أمن وأمان، وحياة مستقرة طبيعية في مختلف الأطر والصّعد.

وإذا بُنيت الأسرة المسلمة على المعاني السّامية والقيم النَّبيلة، فإنّها تسعد في حياتها في ظل مجتمع يقدّس هذه القيم، مما يؤدّي إلى صلاح المجتمع وسعادته، فصلاح المجتمع مرجعه إلى الأخلاق الحميدة.

وقد حثّت الشّريعة الإسلامية على الإحسان في تربية الأطفال ورعايتهم بهدف خلق جيل صالح يشعر بالانتماء لأهله ومجتمعه ووطنه، كما أنّ رعاية الأطفال وحمايتهم لا تتأتى إلا بتربيتهم الكريمة، وتعليمهم مبادئ العلم والأخلاق، والابتعاد بهم عن كل الرّذائل وأشكال العنف والتّمييز، التي تؤثّر سلباً في سلوكهم وتنحرف بهم عن الطّريق السّوي.

والاحترام المتبادل بين الزّوجين، وتبادل الحبّ والمودّة والرّحمة، والعمل الصّالح، واكتساب الثّقة المتبادلة من خلال صيانة الحقوق والواجبات، وتجديد العاطفة الحميمة بينهما من خلال إذكاء مشاعر المحبة والتّقدير للآخر؛ كلّها عوامل أساسية لتفعيل تلك العاطفة الأسرية، ولدوام تأثيرها، فالأطفال بحاجة إلى دفء هذه العاطفة.

إنّ الإسلام يطالب الأبوين بأن يُشعروا الطّفل بالحنان والعطف لإصلاح نفسه، وإدخال السّرور على قلبه، وانطلاق فكره ونشاطه، ويضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في حسن معاملته للأطفال، فقد روي انّه صلّى بالمسلمين وعلى ظهره أحد ابني ابنته فاطمة الزهراء - رضي الله عنها -[29].

ولما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقسوة الآباء على أبنائهم، وأنّهم لا يحسون معاملتهم أنكر عليهم ذلك، وهدّدهم بغضب الله وأنّ الله لا يرحمهم. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " أبصر الأقرع بن حابس رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يُقبّل الحسن والحسين، فقال: إنّ لي عشرة من الولد ما قبّلت أحداً منهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من لا يرحم لا يُرْحم"[30].

ومن رعاية الإسلام للطّفل اهتمامه بتربيته ومراقبته بداية من مرحلة الإنجاب، وهي المرحلة التي يتعهّدها الإسلام بالرّعاية والتّوجيه، حينما أوصى بتهيئة جو هادئ داخل الأسرة، خالٍ من الخلافات والمنازعات لتأثيرها على الجنين قبل أن يولد. حرصاً من الإسلام على هذا الجنين، فقد أباح للأم أن تفطر شهر رمضان خشية أن تضعف، فيتأثر جنينها.

عن أنس بن مالك الكعبي أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إنّ الله عز وجل وضع عن المسافر الصّوم، وشطر الصّلاة، وعن الحُبلى والمرضع الصّوم "[31].

ومن رعاية الإسلام للوليد يأمرنا أن نؤذّن في أذنه ليكون أول ما يطرق سمعه ذكر الله تعالى والاعتراف بوحدانيته، وليشعر الوالدان بأنّ التّربية الصّحية، والتّقويم السّليم ينبغي أن يؤسّسا على تعاليم الدّين وهديه القويم.

ومن رعاية الإسلام للطّفل أمر والديه أن يحسنا اختيار اسمه، لما للاسم الحسن من بالغ الأثر في نفسه، وخاصة عند كبره فعن أبي الدَّرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم، فحسّنوا أسمائكم "[32].

وقد أرشد رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته إلى بعض الأسماء المحبّبة إلى الله ليرتبط المسلم بربه منذ طفولته، وحذّرها من الأسماء التي يبعضها النّاس وينفّرون منها، فعن أبي واهب الجشمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فسمّوا بأسماء الأنبياء وأحبّ الأسماء إلى الله عبد الله، وعبد الرّحمن وأصدقها حارث وهمام، وأقبحها حرب ومرة "[33].

ولقد تبث أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم غير أسماء لمعانيها الجافية لروح الإسلام، أو لإدخالها الألم والتّشاؤم إلى نفس من يُسمى بها، أو نفوس من يسمعها من النّاس.

ثم وضع لها أسماء أخرى تنبض بالخير والتّفاؤل، فغيّر ( العاص ) وسمّاه ( هشاماً )، وغيّر ( حرباً ) وسماه ( مسلماً )، وأبدل ( بعفرة ) وهي الأرض التي لا تنبت ( خضرة ) للتّفاؤل وإدخال السّرور على النّفس.

وعلى الوالدين أن يتخيّرا أفضل الأسماء لأطفالهما، وأن يضعا الإطار الذي ينبغي أن تدور بداخله الأسماء الإسلامية، ويتمثّل هذا الإطار في كون الاسم مريحاً لنفس المسمّى والسّامع، وبعيداً عن الشّؤم والشّر، حتىّ يشعر الأطفال منذ نعومة أظفارهم أنّهم ينتمون إلى دين يرعاهم، ويهتم بهم في كلّ شأن من شؤون حياتهم.

كما يجب على الوالدين أن يعاملا أولادها بالرّفق واللّين والحزم والشّدة عند اللّزوم، ويتدرجا معهم كلّما تقدّم بهم العمر. ورد في الأثر " لاعب ابنك سبعاً، وأدّبه سبعاً، وصاحبه سبعاً، ثم اترك الحبل على غاربه ".

ومن رعاية الإسلام للطّفل أن يؤمّن الوالد له المأكل والمشرب والملبس، وكذلك يجب أن يعلّمه الأدب الحسن، ويلقّنه الخلُق الإسلامي الفاضل، ويدربه على السّلوك القويم.

كما يجب كما يجب أن يغرس الآباء والأمهات في نفوس أبنائهم القيم الدّينية، والأخلاق الإسلامية، وأن يؤدّبوهم بأدب الإسلام، وأن يعلّموهم أحكام الشّريعة، وأن يردّدوا على مسامعهم محبة الله ورسوله، وأن يذكروهم باستمرار بفضل الله وآلائه، ورحمته، ورعايته وحكمة تصرفه في الكون والحياة والإنسان.

وأن يميّزوا لهم بين الحلال والحرام، وأن يلقّنوهم شذرات من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم مثل: نسبه وقبيلته، مولده ونشأته، رعيه للغنم، وعمله بالتّجارة، نزول الوحي عليه، أخلاقه وغزواته.

وعليهم أن يغرسوا في نفوسهم طاعة الله وطاعة الوالدين، وحبّ العبادة، والصّلاة في بيوت الرّحمن، وحفظ القرآن وتلاوته آناء اللّيل وأطراف النهار،وأن يعلّموهم الأناشيد الإسلامية، وأن يوجّهوهم نحو الإعلام الهادف من خلال البرامج الدّينية الخاصّة بهم، ليغرسوا في نفوسهم القيم والمبادئ النّبيلة النّابعة من أصول التّشريع الإسلامي، ليسيروا على النّهج القويم، صراط الله المستقيم، ويكونوا خير خلف لخير سلف، ذرية صالحة في الدّنيا والآخرة حتّى يتّحقّق فيهم الحديث الشّريف: " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له "[34] .

وإذا ما تهاون الوالدان في تربية أطفالهما فإنّهما سيحصدان النّدامة والأسى، عندما يشب أطفالهما على سوء الأخلاق، وانتهاك الحرمات.

ولهذا أوجب الإسلام وهو دين الوسط والاعتدال، - أنّه لا تفريط فيه ولا إفراط و أن يسلك الوالدان مع الأطفال نهجاً وسطاً، ليس فيه قسوة منفرة،ولا تهاون مضيع.

[1] القالي: الأمالي 2 / 112.

[2] القالي: الأمالي 2 / 286. ابن طيفور: بلاغات النساء، ص 107.

[3] يُنظر، ابن قتيبة: عيون الأخبار 4 / 30. ابن عبد ربه: العقد الفريد 2 / 170. المبرد: الكامل في الأدب 1 / 79. البكري: سمط اللآلئ 1 / 110. عمر الدسوقي: الفروسية، ص 39. الحوفي: المرأة في الشعر الجاهلي، ص 118.

[4] القالي: الأمالي 2 / 113.

[5] الحوفي: المرأة في الشعر الجاهلي، ص 118.

[6] ابن عبد ربه: العقد الفريد 2 / 170.

[7] ابن قتيبة: عيون الأخبار 4 / 30.

[8] عمر الدسوقي: الفتوة عند العرب، ص 22.

[9] ابن عبد ربه: العقد الفريد 5 / 95.

[10] المصدر نفسه 1 / 194.

[11] عبد القادر البغدادي: خزانة الأدب 4 / 13.

[12] ابن رشيق: العمدة 1 / 28.

[13] ابن عبد ربه: العقد الفريد 4 / 223.

[14] الجاحظ: رسائل الجاحظ 1 / 160.

[15] المصدر نفسه 2 / 83.

[16] المصدر نفسه 2 / 165.

[17] ابن عبد ربه: العقد الفريد 5 / 68.

[18] يُنظر، ابن قتيبة: عيون الأخبار 4 /76- 68.

[19] المصدر نفسه 4 / 76 77.

[20] ابن قتيبة: عيون الأخبار: 4 / 77.

[21] البحتري: الحماسة 4 / 17.

[22] الأصفهاني: الأغاني 3 / 6.

[23] المفضل الضب:المفضليات رقم المفضلية 6 / 1.

[24] يُنظر، علي حسني الخربوطلي: العرب والحضارة، ص 41.

[25] سورة الروم، آية: 21.

[26] سورة النحل، آية: 72.

[27] سورة لقمان، الآيات: 13 15.

[28] سورة لقمان، الآيتان: 22 23.

[29] ينظر، مسند أحمد وسنن النسائي والدّين الخالص 4 / 202 201.

[30] الأصفهاني: الأغاني 12 / 143 144.

[31] يُنظر، مالك بن أنس: الموطأ 1 / 283.

[32] رواه أبو داود: الترغيب والترهيب 3 / 69.

[33] رواه أبو داود والنسائي.

[34] رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق